۳) هل تحاول تحقيق التوازن في حياتك؟ – الجوانب الخمس لتحقيق التوازن الداخلي

للإنسان محاولات ورحلات عديدة لفهم نفسه ومكنوناتها. ونجد نتاج هذه الرحلات والتفكر والتأمل والتحليل وغيرها من الممارسات التي يمارسها الإنسان سعيًا لفهمٍ أعمق لذاته – بشكلٍ خاص- ولمفهوم الحياة – بشكلٍ عام- قد تُرجمت إلى كتب أو مقالات أو محاضرات أو نقاشات لعلها تُفيد باحثٍ آخر. فتعددت الصيغ وتنوعت المصادر التي استند عليها الإنسان ولكن تبقى الغاية واحدة: (فهمٌ أعمق) لمن أكون؟ كيف أفهم نفسي؟ كيف أطور من نفسي؟ كيف أكون عضوٌ فعّال في المجتمع وفي العائلة؟ كيف أوازن بين حياتي المهنية والشخصية؟ وكيف وكيف…؟؟؟؟

وبما أنني واحدة من هؤلاء البشر. فبالتأكيد كانت لي رحلتي وتساؤلاتي ومحاولاتي. وهنا أسرد إحدى هذه المحاولات في فهم الإنسان وفي التخطيط للتطوير الشخصي. هي ليست نظرية اخترعتها إنما جمعتها من عدة مصادر ومن ثم أضفت لها رأي الشخصي حتى تبلورت في مفهوم (الجوانب الخمسة للإنسان): ماهي هذه الجوانب، وكيف نهتم بكل جانب، ومن هم المختصين بتوعيتنا ومساعدتنا في هذه الجوانب.

الإنسان ليس محصورًا بعمله فقط أو عائلته فقط أو هواياته فقط أو طموحه أو دينه أو علاقاته أو إنجازاته. في الحقيقة هو كل هذه الأمور وأكثر. فالإنسان ليس لديه جانب واحد ليسعى لتحسينه هو فقط بشكلٍ دائم، إنما لديه خمسة جوانب مختلفة أوجدها الله في كل إنسان وعليه السعي لفهم وتطوير كل جانب. وهي:

⁃ القلب وهو مصدر المشاعر والأحاسيس الإنسانية كالحزن والفرح والغضب والإكتئاب وغيرها من المشاعر. واهتمامنا بهذا الجانب يكون بتنمية الذكاء العاطفي لدينا. فالذكاء العاطفي Emotional Intelligence هو قدرة الإنسان على فهم وتسمية مشاعره وانفعالاته وقدرته على التعامل مع هذه المشاعر وإدارتها. وهو لا يقتصر على الذات فقط بل يتضمن أيضًا القدرة على تفهم مشاعر الأخرين وتسخير هذا الوعي والفهم لبناء علاقات أفضل معهم. والمختصين النفسيين هم المعنيين بمساعدتنا في هذا الجانب.

⁃ النفس وهي مصدر المعاني الإنسانية كالطموح والأمل والتفائل والرغبة في النجاح والغنى وغيرها من المعاني الإيجابية أو حتى المعاني السلبية كالتشاؤوم والإحباط والكسل والرغبة بالانتقام وغيرها. ومجال تنمية الذات Self Development ذكر لنا الكثير عن هذه المعاني. فذكر لنا المختصين بهذا المجال من المدربين الشخصيين life coaches الكثير من الطرق والنصائح التي تساعدنا على تحقيق رغباتنا والوصول إلى أهدافنا المختلفة وكيف نتخلص أيضًا من المعاني السلبية التي تتغلغل في النفوس.

⁃ العقل وهو مصدر المعرفة والتفكر. وغذاء العقل هو التعلم والتثقف. فالقراءة والإطلاع والدراسة على يد العلماء والمتخصصين في مجالات دقيقة يزيد من الرصيد المعرفي والمهاري لدى الإنسان.

⁃ الروح وهي مصدر الإيمان بالأمور الغيبية والمعتقدات. وغذاء الروح هو إيجاد إله والإيمان به. لذلك نجد الإنسان مهما اختلف زمانه ومكانه لا ينفك يبحث عن دين يعتنقه حتى يغذي روحه. ودائمًا من يساعدنا في حيرتنا في هذا الجانب وفي فهم الدين وأحكامه المختلفة هم علماء الدين الذين درسوا الدين جيدًا وبحثوا واجتهدوا.

⁃ الجسد وهو مصدر المادة من مظهر وشهوة. وهذا الجانب يحتاج ويتقوى بالعناية والنظافة والاهتمام بالصحة والأكل والحركة والهندام. وخير من يوعينا في هذا الجانب هم الأطباء وأخصائي التغذية والمظهر والرياضيين.

ولتعدد الجوانب لدى الإنسان؛ نجد أننا نحتاج في هذه الحياة لأمور مختلفة في نفس الوقت. فمثلًا نحتاج للحب كمشاعر إنسانية ونحتاج للنجاح أو الغنى إرضاءً للنفس ونحتاج إلى الدراسة لزيادة الوعي المعرفي ونحتاج لممارسة شعائر دينية لتغذية الروح ونحتاج للأكل والشرب والرياضة كطاقة للجسد. وبالرغم من أن كل إنسان له احتياجاته الخاصة في كل جانب والذي قد يختلف عن احتياجات الآخرين. إلا أنه يجب علينا جميعًا أن نشبع حوائج هذه الجوانب الخمسة مهما كانت لا أن نقوم بتسكيتها أو إهمالها والتغاضي عنها. لأن كبت جانب لا يعطل هذا الجانب فقط بل يؤثر على جميع الجوانب الأخرى بشكلٍ أو بآخر. لذلك افهم نفسك جيدًا وميز بين احتياجاتك واعمل على تطوير كل جانب من غير تفضيل جانب على آخر. ولعل ذلك يساعدنا على تحقيق التوازن الداخلي في حياتنا.

دمتم في سلام