۹) المعنى الكامل لأدوارك المختلفة في الحياة

لو سألتك ما هو مفهوم الأمومة بالنسبة لك؟ على الأغلب سيكون جوابك حول الحنان والعطاء والتضحية والاعتناء والاهتمام والحب اللامشروط والدعم والتعليم والتربية وغيرها من المعاني الإنسانية المرتبطة بالأمومة. ولو سألتك ما هو مفهوم العبودية لله بالنسبة لك؟ على الأغلب ستذكر أن تفرق يين الحلال والحرام وتأتي ما أحل الله وتجتنب ما حرمه وأن تسعى للإكثار من الصالحات والتوبة الدائمة من الذنوب ومحاولة اتقاء الله ونيل رضاه.

ولو افترضنا أنك تعتبر نفسك عبدًا لله، وسألتك هل أنت تطبق جميع هذه المعاني؟ على الأغلب أنك ستجاوب بالنفي. فهل هذا ينفي أنك عبد لله؟! بالطبع لا، لأنك كبشر لن تستطيع أن تفي بجميع هذه المعاني في كل الأوقات. وقس على ذلك جميع الأدوار الأخرى التي نلعبها في حياتنا كونك أب/ أم، ابن/ابنة، أخ/ أخت، صديق/ صديقة، زوج/ زوجة، موظف/ موظفة، جار/ جارة… الخ.

فلو عدنا لمفهوم الأمومة وحاولنا قياس مدى أمومة أمهاتنا لوجدنا أن على الأغلب جميع الأمهات تنقصهم بعض المعاني ولكن لا ينفي هذا أمومتها وكونها أم وأم رائعة.

ولأننا نلعب أدوار مختلفة في الحياة، فمن يحاول أن يطبق جميع المعاني لكل الأدوار وفي كل الأوقات، سيتعب ويُرهق في حياته لأن من طبع الإنسان عدم الكمال ﴿وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾. فلا يوجد شخص يستطيع تمثيل المعنى الكامل في جميع الأوقات للدور الذي يقوم به. قد يعطيك من المعاني وقد تغيب عنه البعض رغم معرفته أحيانًا بجميع المعاني وعلمه بقصر أدائه.

الوعي بهذا المفهوم- محدودية قدرتنا على إتيان المعنى الكامل في جميع الأوقات لكل دور نلعبه- يساعدنا على تقبل أنفسنا والأخرين وعدم الاشتراط أو وضع توقعات عالية على أنفسنا وعلى من حولنا ومحاسبتهم أو لومهم على عدم القيام بدورهم بشكل كامل. وبالتالي نصل للسلام الداخلي بعدم تحميل أنفسنا فوق طاقتها وتقليل الغضب تجاه الأخرين.

آية ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ تذكير من الخالق عز وجل بأن نكون على وعي بطاقة تحملنا، وتذكير بالاستعانة به عز وجل في أن لا نترك أنفسنا حتى نصل لأن نُجِهد أنفسنا وأرواحنا وعقولنا وأجسادنا بما لا تطيق تحمله.

هذا المفهوم هو أحد المفاهيم الأساسية التي ساعدتني في رحلة موازنة مثالية شخصيتي والتي تطرقت لها في تدوينة الرابط العجيب بين وسادات السرير وعلامات الترقيم.

 دمتم في سلام